حسن فضل المولى يكتب : الفاتح حَمَدْتُو .. هل زمان الحزن جاء ؟ 

 

 

( بَلَمَسَة شوق و طيب خاطر

حلاوة الريده في الآخر

تظلل بالسماحة الفيك

عيون الدنيا ياساحر

عشان حبك بهاجر ليك

و أردد كل يوم غنوة

أسافر في رحاب عينيك

و ادخل في المجال عُنوة

أقابلك بالمحنة أجيك

أفرِّح قلبي ده الحابيك

و أشوف الدنيا يا ساحر ) ..

لقد ساقني صديقي الساحر الراحل

( نادر خضر ) و هو يتغنى بهذه الكلمات الدافئة لشاعرها ( الفاتح حمدتو ) ، فطَفِقْتُ ألتمس أشعاره و اقتفي آثاره لأجدني أمام نبعٍ عذبٍ يُبْهِجُك

و يرويك ..

و ( الفاتح ) و ( نادر ) قصة تناغم

و انسجام ، و عطاء دفَّاق ، و مشوار

أخضر من سحر الكلم و النغم ..

كان لسان حال ( الفاتح ) يقول :

مابراي معاي ( نادر ) ..

و لسان حال ( نادر ) يقول :

ما براي معاي ( الفاتح ) ..

و معهما الأشواق ، و ما تحكيه أنفاس العُشاق ، و أماني كل مشتاق ليوم

التلاق ..

( اشتقت ليك باللهفة جاي

اللوعة تحرق في حشاي

أشواقي بتسابق خُطاي

قُبالي توصل يا مُناي

تجري و تشيل كل الفرح

ترقص تناغم في رؤاي

و تجيب بشاير قوس قزح

يابهجة الدنيا و هناي

و أنا ما براي ) ..

و كان ( نادر ) عندما يردد ..

( ما براي ، أنا مابراي ، أنا ما براااااي ) ،

تصحو مدن ، و تصطفق أمواج ،

و ترتَجِفُ أبدان ، و تشهق أرواح ،

و تتفجَّر كل المشاعر الحبيسة ..

لقد أودع ( الفاتح ) معزته ( لنادر )

في إهداء كتابه ( تجربتي مع الألحان

و الموسيقى ) ..

( و هل كان يمكن أن أهدي هذا

الكتاب لسواه ؟؟ …

معه بدأت تجربة التلحين ، و بإيعاز منه ، عندما تأكد له ، و ليس لي أن

ذلك ممكناً ..

جمعتنا الأواصر العميقة و قربتنا الصلات الوثيقة فأنا أعرفه مُذ كان

طالباً زميلاً لشقيقي الأصغر فريد ) ..

و يمضي ..

( رحل هو ..

و بقيت مثل السيف فرداً ، مواصلاً

ما اتفقنا عليه ..

لم أنتكس ، و لن أتراجع إكراماً

لذكراه العطرة ..

إلى روح صديقي الفنان نادر خضر

و هي ترفل بين النجوم ..

أهدي هذا البوح الصادق ) ..

 

نعم ..

أن تقول شعراً ، فهذا قمة الروعة ..

و أن تضع لما تقول لحناً ، فهذا منتهى

الروعة ..

و أن تؤلِّف موسيقى لقولِك و لَحْنِك ، فهذا غاية الروعة ..

و أن يصدر كل ذلك عن عشقٍ ، فهذا

هو عَينُ الروعة ..

و أن يأتي هذا المزيج من ( الفاتح حمدتو ) ، فهو كل الروعة ..

و ( الفاتح ) تأْنَسُ في شعره تلقائيةً

و بساطة ..

و أجمل الشعر بعد أعذبه ،

هو أبسطه و أبعده عن التكلُّف ..

و أبسطه أن تنفعل به دون حاجة إلى ( قاموس ) أو معرفةٍ بقواعد ( الخليل بن أحمد الفراهيدي ) ، و دون أن تكون قد جربت أو كابدت أو تلبستك حالات شبيهة تُسهِل عليك الفهم والإدراك

و المعايشة ..

عندما تطالع أشعار ( الفاتح ) ، تحس

أنه إلى جانبك ، يؤانسك ، و يشاركك

أوجاعه و مسراته بكلامِك و احسَاسِك

و أنفاسك ..

( يا لقلبي ماله ملَّ الرجاء

مالها الأقمارُ غابت

و انتهى عهد الضياء

أحزينٌ يا زماني أم

زمان الحزن جاء ) ..

و ( يا الجيت مُتلَّفِح عِفَّة

الشوق في عيونك بان

طرّيتنا زمان الإلفة

يا حليل الإلفة زمان )

و ( و جيتك في زمن سرَّاق

سرق حتى اللي كان فكرة

تناغم جُوَّه في الأعماق ) ..

( شفت النديان جنَّ جنوني

كل الألوان ضوَّت كوني ) ..

و ( ليه نرضى بالزمن الكُتُر

السكة خوف و الحال جَبُر

لا دنيا تستاهل حُزن

لا زول بموت ناقص عمر ) ..

و ( أصغيرتي ..

أنا لم أعد ذاك الحبيب المُنتظر

لا تَنْشُدين مودتي فالحال عندي

لا يسُر ) ..

و ( لو نحنا جد بينّا الوِلِف

كيف المواقف تختلف

أكتب معاك عهد الهوى

تنسى العهود قُبَّال تَجِف ) ..

و ( يا الشلت من عيني الصباح

و فتحتِ عمق الليل جراح

ما تنتظر نرجع نعود

أصلو العشم فارقنا راح ) ..

كلام في منتهى البساطة و المُباشرة ..

و هذا ما عبَّر عنه في إهدائه لديوانه ،

( هل زمان الحزن جاء ؟ ) ..

( عُذراً لم آت بجديد ..

الكلمات هي نفس الكلمات التي كُتِبت

من قبل ، و الحروف هي أبجديتنا المعروفة . كل ما هناك أنني قمت

بتفكيكها و إعادة صياغتها و تركيبها

في قوالبي أنا ، جاعلاً من تجربتي المتواضعة و احساسي النافذة التي أطل من خلالها عليكم ) ..

 

( الفاتح ) يتسم بالنصَّاعة ..

رأيه ناصع

و مظهره ناصع

و شعره قاطعٌ و ناصع ..

( قُمْ من سُباتِك و انتفض

إفْرِد جناحيك و ثُر

فالنور يخترق الدُجى

و النار من بعض الشرر

إشْعِل فتيل هلاكِهم

فالحال أضحى لا يسُر

الليلُ غادر و انجلى

و الصبحُ آتٍ لا مفر

قُم من سُباتِك لا تخف

قُم من سُباتك أنت حُر ) ..

و ( الفاتح ) رغم الصرامة التي تُظلله ،

إلا أن جوانحه تزدحم بالرقة و الحنين

و المحَنَّة و الصبابة ، و هذا ما تُبْدِيهِ أشعارُه و أنت تقرأ له ..

( للعيون مشتاق ) ..

و ( زي الشمس ) ..

و ( يا قَدَري ) ..

و ( روح البيت ) ..

و ( سماح ) ..

و ( عهد الهوى ) ..

و ( معايا يوماتي ) ..

و ( بعيد أنا يا وطن ) ..

و ( حدود الروعة ) ..

و ( و يوم هَوَيتَك ) ..

و ( تعال فَرِحنا

أطلع يا صباح ريِّحنا ) ..

و ( الفاتح ) كما أشار صديقه البروف الفريق ( عمر قدور ) ، هو خير من كتب لبناته قصائد قام بتلحينها ، و قُدِمت في مناسباتهن السعيدة ، فرحةً

و ذكرى ..

( يالميس ياحروف نَدِيَّة

يوم زفافك أيه أقول

العَبْرَة خانقاني و بَقاوِم

في الدموع مايَشُوفَا زول ) ..

و ( تاجوج

يا منابع الريد الجوَّه مَحَكَّر

ريحة المطر المابِتْأخَّر

كل الورد الفتح و ازهر

و نحن معاك أحلامنا بتكبر ) ..

و ( الفاتح ) قويٌّ في ضعفه

متماسك في هزائمه

مُقبل بعد انصرافه

لا يستنكف أن يسترضي و يستميل ..

( و حزمت أمري و تاني جيت

لا قدرت أبعد لا نسيت

كيفن أفتش في السُقا

و أنا من عيون ريدك رِوِيت ) ..

 

و ( الفاتح ) قَرِينُ ( سُميَّة إسماعيل الأزهري ) ..

حيث ..

( سُمية) أتت و ( الفاتح ) أتى

و ( تلاقت قممٌ يامرحى ) ..

و هو تلاقي الشامخ بالباذخ

و تلاقي الساطع بالذائع

و تلاقي الوطنية بالحِنِيِّة ..

و بينهما ( أم درمان ) ..

و ( الفاتح ) ود ( أم درمان ) ..

و مكتول هوى ( أم درمان ) ..

و سبق أن قلت ..

أمدرماني قُح ..

عندما تستمع إليه تخال أن ( أمدرمان ) ، هي من تتحدث إليك لشدة حبه لها ، و تعلقه بها ، فيكتسي قولُه قوةً و عمقاً ، و حلاوةً أمدرمانية ممزوجةً بفيوض معارِفية و مَعْرفِيَّة

و عِرفانية ..

( بَوقِع ليكي إسمي هنا

و اختِم لو طلبتي بيان

و احلف بالكلام القلتو

لازوراً و لا بُهتان

بحبك و افنى في حبك

حدود القدرة و الإمكان

و تسلمي يا صباحي أنا

و اسلم ليكي يا امدرمان ) ..

و أم درمان حبيبتي ..

( سيظل عشقك في الجوانح مترعاً

و على المدى أوليهِ كل عنايتي ) ..

و لم يحبس نفسه في معشوقته

( أم درمان ) ، و لكنه اتخذ من حبها

نوراً يضيء طريقَه إلى سائر أرجاء

موطنه الحبيب ( السودان ) ..

و من خلال قصائده رسم لوحات

زاهية لكل ربوع بلادي ، صَوَّر فيها

جمالها و محاسن أهلها و مناقبهم ..

لم يترك مدينة إلا و أشبعها عِناقاً ،

و سكب فيها من صادق مِدادِهِ

و رحيق مَدَدِهِ ..

( كريمة حبابِك و فيك نتدَّلى

نبارك الخير الشرَّف و هلَّ

نَخِيلِك شايل زاد ما قلَّ

و نيلك راكع كبَّر و صلى

و فيك كتب و د حدالزين

للسودان الغالي و زين ) ..

 

له حضور مُشَرِّفٍ في المحافلِ

و المَلَمَاتِ و النوادي و مراتع التلاقي ..

و لا تفتقده حيث تتوقع أن تجده ،

فهو حاضر و مشارك و موصول

بأحبابه ، يتفقدهم و يفتقدهم إذا

غابوا أو رحلوا ..

لقد كان قريباً من ( السر قدور ) ،

و وثق لمسيرته في سلسة حلقات

قاربت العشرين ..

( من ناس كرومة و ناس سرور

أحكيلنا قول يا السر قدور ) ..

و بكى ( كمال شرحبيل ) ..

( بعدك ”كِملي” كِمل المَغْنى

راحت كلمة و ضاع المعنى

عُودْنا الكنت بِتَوزِنو لينا

قطع أوتارو و بعدك صنَّ ) ..

و ها هو يضع بين يدي رحيل ( نعمات

حمود ) لحناً موجعاً لكلمات ( عبدالوهاب هلاوي ) الموجِعة ،

و التي أنشدها ( سيف الجامعة ) ..

( هي نعمة الله

و شن نقول غير ما يرضي الله

بت كما مر النسيم

رقة و لطافة

بت كما موية الوضو

طهر و نضافة

واقفة بين خلق الله

في ذات المسافة

و كمان قيافة ) ..

و قد شهدته و هو يُعَدِد مع الذاكرين ،

في ليلة تأبينه ، مآثر ابن ( أمدرمان )

و ( الهلال ) الخِل الوفي ( محمد حمزه الكوارتي ) ..

و هو ..

و هو ..

و هو في كل ذلك يُقْبِل باحساس ..

و من أوتي الإحساس فقد انعقد له

الصدق ..

و الفاتح يصدر عن إحساس صادق ..

صادق و هو يُعبِّر عن مواجعه

صادق و هو يُعبِّر عن مَسَرَاته

صادق و هو يُعبِّر عن أشواقه ..

و هذا ما تُسْفِرُ عنه أشعارُه المخبوءة ،

و المنثورة ، و التي و جدت طريقها

إلى أفواه المغنيين ، وهُم كثر ..

منهم ( حمدالريح ) و ( خليل إسماعيل ) و ( شرحبيل ) و ( عثمان

مصطفى ) و ( عبدالقادر سالم )

و ( عمر أحساس ) و ( محمود تاور )

و ( سمية حسن ) و ( معتز صباحي )

و ( مجذوب أونسة ) و ( محمود

عبد العزيز ) ..

( ياريت رجوعك كان زمان ) ..

 

يحمل ( قلماً ) و ( ريشةً )

و ( مِزماراً ) ..

فيكتب و يلَوِّن و يمَوسِق ..

و هذا مايعكسه مُؤَلَفُهُ ( تجربتي مع

الموسيقى و الألحان ) ..

و اللحن يرَطِّب القول ، و يليِّن حواشِيَّه

و يجعله يلامس الوجدان ، و ( الفاتح ) يفعل ذلك ..

و هو يروي أن نقطة البداية و الشرارة التي أشعلت نار التلحين في دواخله

كانت في العام ( ٢٠٠٠ ) ، و في حديث عابر دار بينه و صديقه الموسيقار الدكتور ( الماحي سليمان ) ، قال له :

( تفتكر نحن يا ((فاتح)) بنجيب الألحان

دي من وين ؟ ، اللحن يأتي من داخل

كلماتكم يا شعراء ) ، و حيثما كان

الجمال تجد ( الماحي سليمان ) ..

و ما أشار إليه الدكتور ( الماحي ) يُعضِّد ما ذهب إليه الفنان ( نادر خضر ) من أن ( الفاتح ) يمتلك مقومات الملحن ، لما كان يُبديه من

التفاتات في تبديل جملة موسيقية

أو تعديل جملة كاملة ، و هما يوَّقِعان عملاً جديداً..

و هو قبل أن ينخرط في التلحين بشغفٍ

و حب ، نجد أن أشعاره قد وجدت طريقها إلى دهاقنة الملحنين و أعلاهم

كعباً ، الدكتور ( الماحي سليمان ) ،

و ( عبداللطيف خضر ) و ( الفاتح كسلاوي ) ، و ( محمد سراج الدين ) ،

و البروف ( أنس العاقب ) ، و ( أحمد المك ) ، و ( أسماء حمزة ) ،

و ( سليمان أبو داؤود ) ، و آخرين ..

 

و لما كان ( الشاعر ) الذي أوتي ملكة التلحين ، هو الأقدر على إيصال مشاعره بكل ألَقِها و عنفوانها إلي المتلقي ، فقد

أقبل شاعرنا على التلحين و التلوين

و التزيين ..

و هو في ذلك لم يوقف ( ألحانه ) على

أشعاره ، و لكنه عمد إلى عيون الشعر

و أنضره ، مما تظنن أنه مُسْتَعصِم

على أي معالجة بما انطوى عليه من

من قوة و غرابة و عمق و تأبي على

التطويع ..

فغازل بألحانه البروف ( عبدالله الطيب ) ..

( إلى الخرطوم من بعد اغتراب

و بعد أن بلَى الشهيّ من الشباب ) ..

و ( محمد المهدي المجذوب ) ..

( البُنَيَّات في ضرام الدلاليك

تستَّرن فتنة و انبهارا ) ..

و ( محمد محمد علي ) ..

( تاه في دنياك تغريدي و لحني

و انطوى في كونك المسحور كوني ) ..

و ( صالح عبد القادر ) ..

أدرك مُحباً انتهى أو كادا

أعيا الطبيب و أيأس العُوّادا ) ..

و ( محمد سعيد دياب ) ..

( يا قلبُ لا تبك الذي باع الهوى

لملم جراحك لا تقل ما أضيعك ) ..

و ( محمد نجيب محمد علي ) ..

( و يا سلام لما المسَالْمَة

تبقى غيمة و ضحكة سالمة

و تصحى أجراس المدينة

تدي للناس المباهِج

و المناديل الحنينة

و ياسلام .. ياسلام ) ..

و ( المحجوب ) و ( فراج الطيب )

و ( الصادق الياس ) و ( كَرَف )

و ( مصطفى طيب الأسماء ) و ( إمام علي الشيخ ) و ( حسن الزبير )

و ( حِمَيد ) و ( سميره مصطفى )

و دكتور( عبدالقادر أحمد سعد )

و ( الكتيابي ) و ( أكول ) و ( محمد

عبدالحي ) و ( التيجاني حاج موسى) ..

و لم يتهيب الاقتراب من ( تائِيَّة )

شيخ شعراء السودان ( عبدالله

الشيخ البشير ) ، و عنوانها ( البحث

عن بيت شعر ) ، و هي القصيدة التي تستعصي حتى على القراءة ، ناهيك

عن الفهم و التلحين ، و التي عندما قرأها مرةً في ( مصر ) ..

( على حَدِّ السنا أمْهيتُ سيفي

فرَّفت شفرتاه كما ابتغيت ) ..

لم يتمالك أحد الشيوخ الأزهريين نفسه فصاح من شدة الاعجاب ..

(يااااااه!! اسمعوه يقول إنه سنّ

سيفَه على حدِّ الضوءِ !!

أعِد أعِد يا شيخ ) ..

وضجت القاعة بالتصفيق وعبارات الاعجاب ، و عندما أتى على النهاية ..

وشَيْتُ لها و أعماقي صِحاحٌ

بأسقام الصبابة إذ وشَيْتُ

فلمَّا أمَّلتْ نَقَرتْ ربابي

فهازَجَها من الأوتار بيتُ )

عندها نهض رئيس وزراء مصر يومها ( دكتور فؤاد محيي الدين ) وصعد

إلى المسرح مأخوذاً و قال :

(لقد أثْبَتّ لنا أنك المُبْصِر الوحيد بيننا ) ..

إذن أنت أمام عطاءٍ يتسع و يتكاثف ..

عطاءٌ كلما أخذت منه ( غَرْفَةً ) ، أيقنت

أن مبعثه نفسٌ أدمنت الغوص عميقاً ،

و التحليق عالياً في فنون القول الحَسَن ، و الفعل الحَسَن و المرأى

الحَسَن ، بذائقةٍ تنتقي أحسن الحَسَن ..

 

هذا هو قليلٌ من كثيرِ الدكتور ( الفاتح حمدتو ) ..

الكاتب ..

و الشاعر ..

و الملحن ..

و نائب رئيس إتحاد الكُتَّاب الأفارقة ..

و الأمين العام للمنظمة القومية للأدباء

و الكتاب السودانيين ..

و هو إذ يُقبل بكل هذا الزخم على

قرض الشعر و تطريز الألحان ، فإنه

يأتي بما يأتي عن موهِبة مُتَّقِدة ،

يسندها جهدٌ لا يفتر ، في مُداومة الإطلاع و الاستماع ، و الركض خلف

كل بارقة معنى و مغنى ..

و هو بهذا السمو

لا ينتج للسوق ..

و لا يفعل ما يفعله و هو إلى إرضاءِ النفوسِ مَسُوق ..

لكنه مُحِبٌ للمعاني الجميلة و القيم

النبيلة ..

هذا ( هو ) ..

في كل تَجَليِّاتِه و رشَفَاتِه ..

هو راشِفٌ لكل معنى جميل في الحياة ،

إذ أنه يتخذ من الجمال مَراشِف لا يترك مُتَرَشفاً إلا و رشَفه ، و هو يحاكي حال الظمآن الذي يُقبل على الماء يرشُفه رشفاً أي يمتصه بكل شهِيَّةٍ و لَهْفَةٍ ..

( لمان أجيك

و اتملى في طلعة و شيك

ألقى الفرح أصبح وشيك

ترتاح عيوني في وجنتيك

و ابدا الصباح و الدنيا بيك ) ..

و أُحييك يا ( فاتح ) و أنت تستقبل كل يومٍ الصباحَ لتغَني للحياة و للصِباح بقولٍ ناضجٍ صَراحٍ و مُباح ..

و أختم بقولك عنك في خاتمة كتابك

( تجربتي مع الموسيقى و الألحان ) ،

و الذي أعتبره أول تجربة لتوثيق

و ( تَنْوِيت ) الألحان ..

( أؤمن أن لا علاقة للزمن بالنُضج ،

و إنما نحن نكبر من خلال تجاربنا ،

و قد علمتني التجارب أن جزءاً كبيراً

من سعادتنا يعتمد على خياراتنا في

الحياة و ليس على ظروفنا ) ..

نعم ..

إن جزءً كبيراً من سعادتنا يعتمد

على ما نختار ، فَهلَّا أحْسَنا الاختيار !!

أتمنى ذلك ، لي ، و لكم ، و لكُنَّ ..

و السلام ..

أم درمان ٢٦ فبراير ٢٠٢٣

التعليقات مغلقة.