سهير عبد الرحيم تكتب… بُحيرة اسمها ولاية الخرطوم!!!

kalfelasoar76@hotmail.com
مطرة واحدة وسقطت ورقة التُّوت عن والي الخرطوم.. مطرة واحدة وانكشف “المُغطى ستار” كما يقول المُغني.. مطرة واحدة وتوحّد شكل المُعاناة في كل أحياء وشوارع الخرطوم!!!
لا فرق البتّة بين مَن يسكنون في الرياض أو المنشية والعمارات والخرطوم٢ وقاردن سيتي وحي الشاطئ، ومن يسكنون الكلاكلات أو جبل أولياء أو أم بدة أو الصافية أو الحاج يوسف أو مدينة النيل أو الثورات أو حي الرّاقي أو المُجاهدين!!!
كل الأحياء سواء، لا فرق بين هذا وذاك، وسعر المتر أبو أربعة آلاف دولار والمتر أبو خمسة دولارات، الجميع غارقون في الوحل والطين، الجميع يسبحون في الشوارع، ويُمارسون كل أنواع الألعاب البهلوانية من قَفزٍ وسَيرٍ على الحجارة المُتراصّة،
ثُمّ رياضة الإمساك بـ(الحوائط) والتّسلُّق والقفز، ثُمّ (رفع الملابس) وحَمل الأحذية في الأيادي و(خوض) المياه مع (جس) للحُفر قبيل السُّقوط!!!
هذه هي الخرطوم يوم أمس، نظرة واحدة وتدرك تماماً أنّه لم يحدث أيِّ عَملٍ من أجل الاستعداد للخريف، نظرة واحدة وتتأكّد تماماً أن لا غُرفة طوارئ ولا يحزنون، لا شئٌ البتّة!!!
والموظفون يجلسون في المكاتب الوثيرة المكيفة ولا يحركون ساكناً، لا عمل ولا نظافة ولا تخطيط ولا رؤية، لا شيء على الإطلاق!!!
يوم أمس، كل الصور التي جاءتني والمُكالمات كانت تقول لي: (لو ما عندك حاجة مهمة جداً وضرورية ما تطلعي)…؟؟
رغم ذلك خرجت لسببين، لأنّ لديّ شيئاً مُهمّاً، ولأشاهد وأرصد ما يحدث في الشوارع، حين خرجت كان الامتحان الأول لي أن أجتاز شارع وزارة الثروة الحيوانية، العربات هناك تسير في صف واحد خلف بعضها خوفاً من السُّقوط في الحُفر!!!
عَبَرت بسلامٍ من شارع ابو حمامة وحتى شارع باشدار، لم تكن هنالك مياهٌ كثيرةٌ، ثم وصلت تقاطع شارع ٤١ العمارات مع محمد نجيب، هنا بدأ شكل البحيرة يتّضح!!!
سرت حتى شارع ٦١ العمارات، ثم عرجت بالشارع أمام دار المُحامين، وألقيت نظرة على الشارع الجانبي العمارات ٥٩ لاكتشف أنّ البحيرة تتفرّع منها أنهر صغيرة تصل حتى أبواب المنازل!!!
سرت حتى شارع أفريقيا ونظرت من علٍّ للنفق، الخطأ الهندسي القديم منذ الإنشاء مازال ماثلاً، غرقٌ كُليٌّ لكل من يُفكِّر في المرور عبره، عبرته من أمام مول عفراء واتّجهت شرقاً حتى محطة القسم الشرقي!!!
هنالك لا أدري ما هو الإلهام الذي هداني أن أسلك شارع عبيد ختم دُون أن أسلك شارع الشرقي الستين، مررت بمحطات الخيمة والبلابل ولفة جوبا وحتى نهاية الشارع مع جامعة أفريقيا.
أُصدِّقكم القول إنه وقبل أن أصل الى الإشارة الضوئية لتقاطع عبيد ختم وأفريقيا، وفي منتصف المسافة أعدت حسابات خروجي من البيت، كُنت أشعر أنّ المياه تدخل الى السيارة من كُلِّ اتّجاه، وبدأت أسمع صوت المياه المعروف وهو يتحرّك في جُزءٍ ما من السيارة!!!
بدأت أنظر الى “الطبلون” وأنا أتوقّع أن يحدث خللٌ في مُؤشِّرات القراءة في أي وقتٍ، كل هذا وجميع السيارات تسير في خط واحد خلف بعضها البعض، والجميع في حالة ترقُّبٍ ورصدٍ، وما أن يتكئ إطار السيارة التي أمامك يميناً حتى تُحاول تفادي ذلك فتتكئ شمالاً لتفاجأ بأنّ الحُفر تتقاسم الأدوار حفرة يمين وحفرة شمال، ثُمّ حفرة يمين وحفرتان شمال.. هكذا معزوفة الحُفر في شارع عبيد ختم!!!
لاحظ عزيزي القارئ، إنّني مازالت أتحدّث عن شوارع أسفلت وحتى اللحظة لم أسلك طريقاً ترابياً!!!
بعد قليلٍ، وصلت الى الإشارة بسلامٍ وكاد سائقو السيارات أن يُصافحوا بعضهم بعضاً، وعبارات حمد الله على السَّلامة حاضرة، واصلت حتى شارع الستين، أكملت مُشواري!!!
ثُمّ عُدت عبر الستين، فوجدت امتحاناً شبيهاً بامتحان عبيد ختم حتى وصلت شارع أوماك، ثُمّ واصلت حتى عبيد ختم، ثُمّ شارع القيادة، ثُمّ سوق الخرطوم ٢ وغرب حديقة القرشي حدِّث ولا حرج، كل ذلك والمياه تُؤكِّد ضعف التصريف وفشل إدارة الأزمة!!!
ثُمّ قرّرت لسُوء الحظ الذهاب الى مَتجرٍ في شارع ١٥ العمارات، هُنالك شعرتَ أن السيارة ستجرفها المياه، ألغيت المشوار وعُدت أدراجي إلى البيت.
*خارج السور:*
مَن الذي ستقيله أيضاً يا نمر لتخفي عجزك؟! عليك أن تعلم أنّ العِلّة تكمن في أدائك أكثر من طاقمك الوزاري!!
التعليقات مغلقة.